الرئيسية » 2011 » سبتمبر » 14 » سفير مصر فى أنقرة: تركيا تملك تجارب أتمنى انتقالها لمصر
12:33 PM
سفير مصر فى أنقرة: تركيا تملك تجارب أتمنى انتقالها لمصر
سفير مصر فى أنقرة: تركيا تملك تجارب أتمنى انتقالها لمصر


تسعى القاهرة واسطنبول حالياً لتوثيق علاقتهما الاستراتيجية فى مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والعسكرية، هذا ما يؤكده السفير عبدالرحمن صلاح الدين، سفير مصر فى تركيا، فى حواره لـ«المصرى اليوم». ويقول صلاح الدين إن زيارة رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوجان لمصر، ستشهد التوقيع على إعلان سياسى لإنشاء مجلس أعلى للتعاون الشامل بين البلدين، مشيراً إلى تأييد مصر للتوجه التركى لإحالة قضية الاعتداء الإسرائيلى على السفينة «مرمرة» إلى محكمة العدل الدولية، فضلاً عن اتفاق جهود البلدين على ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلى للأراضى العربية.

، تفاصيل الحوار فى السطور التالية

■ كيف ترى، سيادتكم.. الأزمة الحالية بين تركيا وإسرائيل، هل هى أمر طارئ وعارض على العلاقات بين البلدين التى شهدت تعاونا فى السنوات الماضية فى كثير من المجالات، أم أن هناك تغيراً جوهرياً وحقيقياً واستراتيجياً فى العلاقات وبالتالى فى المنطقة؟

- فى مايو من العام الماضى، تعرضت سفينة تركية (مرمرة الزرقاء) تحمل مساعدات للفلسطينيين فى قطاع غزة لاعتداء عسكرى إسرائيلى فى المياه الدولية، أسفر عن مقتل تسعة من المدنيين الأتراك، وأدانت غالبية دول العالم وفى مقدمتها مصر وبقية الدول العربية والإسلامية هذا الاعتداء.

وشكلت الأمم المتحدة لجنتين لبحث ذلك الاعتداء، واحدة لتقصى الحقائق فى إطار لجنة حقوق الإنسان فى جنيف، وأخرى للتحقيق بتكليف من السكرتير العام للمنظمة الدولية عُرفت باسم رئيسها نيوزيلندى الجنسية (بالمر). وقد ساندت مصر المطالبة التركية بتشكيل لجنة تحقيق دولية فى الاعتداء الإسرائيلى على القافلة، ولم ينقطع التشاور بين القاهرة وأنقرة حول تنسيق الجهود فى هذا الشأن ثنائيا وفى المحافل الدولية لضمان أكبر تأييد دولى لهذا المطلب العادل.

وطوال خمسة عشر شهراً استغرقتها اللجنتان لدراسة الموضوع، حاولت تركيا الوصول مع إسرائيل - من خلال مفاوضات مباشرة بينهما - إلى اتفاق يؤدى إلى تحقيق المطلبين التركيين بالحصول من إسرائيل على اعتذار رسمى وتعويضات لأسر الضحايا. واكتفت تركيا خلال تلك الفترة باستدعاء سفيرها فى إسرائيل للتشاور ووقف مشاركة إسرائيل فى المناورات العسكرية المشتركة أو استخدام الطائرات الإسرائيلية للأجواء التركية.

وأدى الإصرار الإسرائيلى على عدم تقديم الاعتذار أو التعويض وتسريب تقرير بالمر الذى أتى مناقضاً لتقرير لجنة تقصى الحقائق حول قانونية الحصار البحرى الإسرائيلى لقطاع غزة إلى قيام تركيا بتخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسى مع إسرائيل إلى درجة سكرتير ثان، ووقف التعاون العسكرى القائم بين تركيا وإسرائيل، ولجوء تركيا للجمعية العامة للأمم المتحدة لطلب الرأى الاستشارى لمحكمة العدل الدولية حول الاعتداء الإسرائيلى، وهو الطلب الذى ستؤيده مصر وتسعى لأن يحصل على أكبر تأييد دولى.

■ هل يعطى ما حدث دليلاً على سياسة جديدة وتحالفات مختلفة ووضع جديد على الصعيد الإقليمى؟

- لاشك أن إصرار إسرائيل على استمرار احتلالها الأراضى الفلسطينية، وحرمانها الشعب الفلسطينى تحت الاحتلال من أبسط حقوق الإنسان، ورفضها التجاوب مع الجهود الدولية التى تحاول استئناف مفاوضات السلام، ومواصلتها سياسة بناء المستوطنات فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، وأخيراً اعتدائها المسلح على مدنيين أتراك كانوا يحاولون تقديم مساعدات إنسانية للفلسطينيين، يكرس هذا كله لدى كل شعوب الدول العربية والإسلامية صورة سلبية مكروهة عن إسرائيل وسياساتها، وهو ما أدى أيضاً إلى الاستنكار الشعبى المصرى لمقتل وجرح جنود مصريين على الحدود بفعل نيران إسرائيلية رغم إبداء إسرائيل الأسف على ما وصفته بخطأ غير مقصود ووعدها بالتحقيق فى ملابسات الحادث.

ولابد من أن يسفر استمرار إسرائيل فى تنفيذ تلك السياسات إلى تدهور علاقاتها الإقليمية والدولية بدول وشعوب المنطقة التى تشهد تغيرات كبرى لتمكين تلك الشعوب من مقدرات بلادها. وفى شرق أوسط أكثر ديمقراطية سوف يصعب على إسرائيل بسياساتها التوسعية والعدوانية الراهنة تحقيق قبول واندماج لها بين شعوب المنطقة وهو ما يهدد الاستقرار الإقليمى والدولى. ولاشك أن مصر وتركيا تمثلان مركزين مهمين للاستقرار والسلام فى هذه المنطقة الحيوية من العالم، ويحظى تعاونهما الذى لا يستهدف سوى رفاهية شعبيهما باهتمام وتأييد كل القوى الإقليمية والدولية الراغبة فى تحقبق السلام فى الشرق الأوسط.

■ هل ترى سمات خاصة للتجربة التركية بحيث يمكن القول إنها لا يمكن أن تستنسخ فى مصر؟ وبأى الأمور السياسية فى تركيا يمكن أن تستفيد مصر الآن؟ فى لحظتها الراهنة أم بعد سنوات قليلة من الاستقرار السياسى؟

- لاشك أن هناك قواسم مشتركة عديدة بين المجتمعين المصرى والتركى تعود إلى عوامل تاريخية وثقافية ودينية، ففى القرن التاسع عشر كانت أفكار الإصلاح التى تظهر فى القاهرة تجد طريقها للظهور والتنفيذ فى اسطنبول، والعكس كان صحيحاً أيضاً. وقد أشرت سلفا لأوجه التشابه بين خصائص الشعبين الراهنة. وكلما ازدادت معرفتى بتركيا لاحظت تجارب إيجابية وددت لو أنها انتقلت للتجربة المصرية: ومنها حرص الأتراك من الجنسين، ومن جميع الأعمار، على المشاركة فى الانتخابات بنسبة عالية جدا قاربت 90% مؤخراً، مما يضعهم فى مصاف أعلى نسب المشاركة السياسية فى العالم، ومنها أيضا قيام رجال الأعمال الأتراك بدور اجتماعى وتعليمى رائد ومنظم، فمن بين أفضل مائة جامعة فى العالم هناك جامعة تركية (بيلكنت) أسستها ومولتها أسرة تركية واحدة (دوجرامتشى) ووهبتها مؤخراً كل أرباح شركة عملاقة تملكها لكى تنفق مئات الملايين من الدولارات على مزيد من أنشطتها التعليمية والعلمية غير الهادفة للربح مثل كل الجامعات الخاصة (الأهلية)، كما تتوحد جهود رجال الأعمال فى كل محافظة تركية لتمويل مراكز تكنولوجية وصناعية فى جامعات الإقليم لتطوير صناعات ذلك الإقليم وحل مشكلاتها.

وبالطبع هناك سمات خاصة تميز التجربة السياسية التركية تعود إلى الظروف التاريخية الخاصة التى مرت بها تركيا فى نهاية الدولة العثمانية وأدت إلى تفكك وانحلال الدولة ووقوع أجزاء كبيرة من إقليم تركيا المعاصرة تحت الاحتلال الأجنبى. وقد قاد أتاتورك (محرر تركيا) حملة لتحديث الدولة وإقصاء دور الدين عن شؤونها وتوحيد الأمة التركية وبناء نظام جمهورى. ولذا تنص المواد الثلاث الأولى من الدستور التركى الحالى (والتى لا يمكن وفق ذلك الدستور تغييرها) على أن الدولة التركية جمهورية علمانية. وهناك توافق سياسى تركى حاليا على أهمية البدء فى صياغة دستور جديد، وربما يمكن للمناقشات الدستورية فى كل من مصر وتركيا أن تفيد وتلهم الأخرى.

■ كيف تطورت العلاقات الاقتصادية بين البلدين خاصة فى مجال الاستثمار والتجارة وكيف ترى آفاق التعاون؟

- تشترك كل من مصر وتركيا فى أن شعبيهما الأكثر عدداً والأصغر سناً فى التركيب السكانى من بين شعوب المنطقة، ولا تملك الدولتان فوائض بترولية، وبالتالى فإن تنمية الإنتاج الزراعى والصناعى والخدمات والتجارة هى الطريق الوحيد لمواجهة الاحتياجات المتنامية للشعبين. ولتركيا العديد من التجارب الاقتصادية الرائدة الناجحة التى أسهمت فى تحقيق طفرة اقتصادية جعلت الاقتصاد التركى يحتل المركز الثامن عشر بين الاقتصادات المتقدمة. وقد استفادت مصر من بعض هذه التجارب مثل المناطق الصناعية الحرة، التى بدأت فى مصر بمنطقة صناعية مصرية تركية ثم تعددت المناطق الصناعية بسبب نجاح تلك التجربة.

ومنذ دخول اتفاق التجارة الحرة بين مصر وتركيا حيز النفاذ عام 2007 تضاعف إجمالى حجم الميزان التجارى بين البلدين أكثر من أربع مرات فى الأعوام الثلاثة الأخيرة ليصل - رغم الأزمة المالية العالمية - خلال العام المنصرم إلى أكثر من 3 مليارات دولار. وكانت قيمة الصادرات التركية إلى مصر تمثل حوالى ثلثى حجم ذلك التبادل، إلا أن الصادرات المصرية زادت بنحو 35% خلال الشهور الستة الأولى من العام الحالى رغم ظروف عدم الاستقرار التى واكبت تلك الفترة.

وخلال السنوات الخمس الماضية اتجه المئات من رجال الأعمال الأتراك إلى مصر للاستثمار فى بناء مصانع للغزل والنسيج والملابس والسيارات والكيماويات والأغذية وغيرها بلغ عددها أكثر من 205 مصانع وشركات، وزادت قيمة الاستثمارات فيها عن مليار ونصف مليار دولار. وقد زرت - قبل سفرى لأنقرة لتسلم مهام عملى هناك - بعض هذه المصانع والشركات التركية المصرية فى منطقة العاشر من رمضان الصناعية. وبعد تفقد أحد المصانع أسرَّ لى صاحبها رجل الأعمال التركى بأنه حضر لمصر مدفوعاً بانخفاض نفقات الطاقة والأيدى العاملة التى تبلغ حوالى سدس تكلفتها فى تركيا ووجود تسهيلات جمركية لتصدير المنتجات إلى تركيا والأسواق الأخرى مثل أوروبا والولايات المتحدة، ولكنه استقر على ضفاف النيل بسبب التقارب الثقافى بين البلدين. فهو وآلاف الأتراك من أمثاله الذين يعيشون هم وأسرهم فى مصر لا يشعرون بأنهم فى بلد أجنبى.

وهنا تبرز أيضاً أهمية التقارب الثقافى بين البلدين. فلا شك أن المسلسلات التليفزيونية التركية التى تحظى بمشاهدة منقطعة النظير فى مصر وبقية العالم العربى قد أسهمت فى إعادة تقديم الثقافة التركية للمواطن العربى، وفى تصحيح العديد من المفاهيم المغلوطة لديه عنها، ما أسفر عن إقبال شديد ومتزايد من العرب على السياحة فى تركيا وعلى مطالعة الكتب التركية. وكم أسعدنى أن أجد معظم روايات «أورهان باموك» الكاتب التركى الحائز على جائزة نوبل مترجمة إلى اللغة العربية فى مصر، مثلما رأيت روايات نظيره المصرى نجيب محفوظ مترجمة إلى التركية فى تركيا. ولكننا نحتاج حركة ترجمة أنشط تتطلب مزيداً من الدارسين المصريين للغة التركية بالاستفادة من المنح العديدة المتاحة للطلبة المصريين لدراسة التركية فى الجامعات التركية.

ونسعى حالياً لكى تتاح المسلسلات التليفزيونية المصرية التى يشاهدها العالم العربى كله مترجمة لكى تنطق بالتركية وتذاع على التليفزيون التركى لكى يراها ملايين الأتراك. كما نحاول التوسع فى برامج تبادل الطلاب الأتراك والمصريين وكذلك تبادل الأساتذة ومن بينهم علماء الأزهر للتباحث مع نظرائهم الأتراك حول نشر الفهم السمح للدين الذى يسود بين الشعبين المصرى والتركى وغالبية الشعوب الإسلامية وتقديم هذا الفهم لبقية العالم. كما نسعى لكى تجتمع مراكز البحث والفكر المصرية والتركية معا بشكل دورى لدراسة مشاكل المنطقة وسبل التعاون الثنائى والإقليمى لمواجهتها، ولنشر ترجمات الفكر والأدب بين الثقافتين وتنقية المناهج التعليمية من المفاهيم السلبية الخاطئة.

■ كيف تقرأ زيارة أردوجان لمصر فى هذه الظروف؟ وما الموضوعات التى سيتم بحثها خلال الزيارة؟ وما الأهداف التى يأمل كل من البلدين تحقيقها من الزيارة؟

- سوف يقوم رئيسا وزراء البلدين خلال الزيارة بالتوقيع على إعلان سياسى لإنشاء مجلس أعلى للتعاون الشامل، وهو ما لابد أن ينقل لشعبى البلدين ولشعوب منطقة الشرق الأوسط والعالم كله رسالة واضحة بأن مصر وتركيا تعتزمان تحقيق نقلة نوعية استراتيجية لتوثيق العلاقات بينهما فى جميع المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والعسكرية.

وفى المجال الاقتصادى سوف يصطحب رئيس الوزراء التركى معه إلى القاهرة عدداً كبيراً (حوالى مائتين) من كبار رجال الأعمال الأتراك للالتقاء بنظرائهم المصريين مما يمكننا من التفاؤل بإمكانية مضاعفة حجم الاستثمارات التركية القائمة فى مصر، وكذلك ميزان التبادل التجارى فى وقت قريب بإذن الله.

وسيضع المسؤولون ورجال الأعمال المصريون أمام نظرائهم الأتراك فرص استثمار محددة وواسعة تتجاوز المجالات التقليدية للتعاون الاقتصادى المصرى التركى مثل صناعات النسيج والأغذية، وتستفيد من المزايا النسبية لكل من الاقتصادين المصرى والتركى، ونمتد إلى مجالات جديدة مثل:

1- مشاركة الشركات التركية فى مشروعات الإسكان منخفض التكاليف لمحدودى الدخل.

2- مشروعات النقل البحرى حيث نتطلع إلى بدء خدمات منتظمة للنقل البحرى بين الموانى المصرية والتركية لنقل البضائع والركاب ليس فقط بين أسواق الدولتين، ولكن من خلالها إلى أسواق ثالثة مثل أفريقيا (لتركيا من خلال مصر)، والقوقاز والبلقان (لمصر من خلال تركيا)، ونرجو أن يبدأ بسرعة تشغيل الخط الملاحى المتفق عليه بالفعل بين الإسكندرية ومرسين.

3- فى ضوء اهتمام بعض البنوك التركية بفتح فروع لها فى مصر، يمكن أن يقوم أحدها بشراء بنك مصرى أو أجنبى، وممارسة جميع الأعمال المصرفية فى السوق المصرية لتسهيل المعاملات المالية للمستثمرين من البلدين.

4- يمكن الاستفادة من الخبرة التركية فى مجال التدريب المهنى من خلال إنشاء مراكز تدريب وتأهيل مهنى للعمالة المصرية، بحيث يتولى مدربون أتراك تدريب العمالة المصرية على أحدث مجالات التكنولوجيا الحديثة، ورفع قدرات ومهارات العمالة المصرية لتتواكب مع المعايير الأوروبية والعالمية. وتبادل الخبرات حول تدريب العمالة المصرية فى مجالات الغزل والنسيج والملابس، وإنتاج سيارات الركوب وحافلات النقل العام.

5- تدشـــين تعاون بين البلدين فى مجال إنشاء مراكز للتنمية التكنولوجية Technoparks على غرار تلك المنتشرة فى العديد من الجامعات التركية.

6- زيادة عدد المنح والدورات التدريبية الممنوحة لأشقائنا الأتراك للدراسة فى مصر، سواء بالأزهر الشريف أو الجامعات المصرية، مع إيلاء اهتمام خاص بمنح تعليم اللغة العربية التى تزايد الاهتمام بها مؤخراً فى تركيا.



الفئة: شئون مصريه | مشاهده: 626 | أضاف: عزام | الترتيب: 0.0/0
مجموع التعليقات: 0
إضافة تعليق يستطيع فقط المستخدمون المسجلون
[ التسجيل | دخول ]
دخول الاعضاء
مقالات
المنتديات
البوم صور
التقويم
تصويتنا
ما ينتقص الموقع من وجهت نظرك
مجموع الردود: 62
الارشيف
إحصائية

المتواجدون الآن: 1
زوار: 1
مستخدمين: 0